سيرة ذاتية
روايات
مقالات
حوارات
اخبار مريم مشتاوي
جاليري مريم مشتاوي
اصدارات
شعر مريم مشتاوي






مقالات نقدية عن ادب مريم مشتاوي

08/05/2018 - 11:36:56 am
مريم مشتاوي بين كتابة التجربة وتجربة الكتابة
جميل فتحي الهمامي

يقول الكاتب الكبير هنري ميتران في معرض حديثه عن مدوّنة الرواية كجنس أدبي موغل في السردية: لا وجود لشيء محايد في الرواية. فما ذهب إليه ميتران من تطرّقه لبعض الظواهر المهمّشة في الكتابة الأدبية عمومًا، والروائية خصوصًا، من خلال لفت النظر إلى المدوّنة الروائية ووضعها على محكّ المساءلة والمناقشة والتنظير والتحليل، قد جعل التجربة الرواية تمرّ بمرحلتين أساسيتين: مرحلة الفكرة، ومرحلة الكتابة.

 

ويختم ميتران بحثه برغبة يجهر بها دون تردّد، ألا وهي أن تغدو العتبات الروائية محطّات للتمحيص والتأصّل، لا للعبور كشرفة تربط بين بناءين ونعني الشعر والنثر. من هذه الزاوية يمكن للناقد – بوصفه قارئا في البداية والنهاية – أن يلج لكتابات الروائية اللبنانية مريم المشتاوي التي استطاعت خلال وقت وجيز من أن تفتك مكانة هامة داخل البيت الروائي العربي. وهذا المقال سيحاول أن يجيب عن تجربة الكتابة عند مريم المشتاوي.

 

إنّ روايات مريم المشتاوي، وخاصة رواية ياقوت، قد دفعت بجمهور القرّاء إلى اكتشاف عالم آخر من فلسفة الرواية، فقد تعوّدنا لأكثر من نصف قرن على مجابهة مفهوم تجربة الكتابة بشقّيها العقلي والورقي، لكن دخول الروائية مريم المشتاوي على خطّ الرواية العربية قد حوّل الوجهة قليلًا نحو الحديث عن كتابة التجربة: تجربة الواقع، تجربة الخيال، تجربة الموت، تجربة الحياة، الحب، الخوف، الحرب، العدم… إلخ. فتحوّل مريم من تجربة الكتابة نحو كتابة التجربة قد خلق مفهوم النص المحاذي داخل الجسد الروائي لجلّ رواياتها.

 

ولسائل أن يسأل ماذا نعني بالنص المحاذي؟ أوّلًا من البديهي بمكان أن تكون لكلّ أثر أدبي نصوص محيطة أو مجاورة له، فكل أثر أدبي عادة ما يكون مصفحًا – ونعني بالتصفيح هنا ما يشبه المناعة الذاتية داخل الكتاب – بنصوص محاذية تتنوع فيها صيغ تقديم الأثر الأدبي، إثبات الكاتب لاسمه، التفنن في صياغة العنوان، واختيار صور أغلفة الأعمال، تقديم اعترافات واستجوابات على هامش الكتاب… إلخ، كلّ هذه العوامل يمكن اعتبارها نصًّا محاذيًا.

 

علاوة على ذلك فقد انفتحت كتابة التجربة عند المشتاوي نحو خلق ما اصطلح على تسميته بالنص المونو-سردي أو التخييل الذاتي، أي انّ كتابة التجربة الروائية عند مريم تتسم بإحداثيات خياليّة تمامًا، ولئن انطلقت من الواقع فإنّها تعود إليه، لكن القارئ – وهنا تكمن الحبكة السردية لتجربة الكتابة عند مريم – يفاجأ أنّ شخصيّة الكاتبة تتسلّل ضمن شخصيات الرواية مقحمة نفسها في الأحداث، فتتفاعل معها أو ترفضها أو تحاول تغييرها، فيقع القارئ في حيرة.

 

هذه الحيرة أسماها نقّاد مدرسة فرنكفورت النقدية بتركيبة القلق، ويعتبر النص التخييلي الذاتي تكنيكًا أدبيًا حديثا في كتابة الرواية، إذ يعتبر الروائيّ الفرنسي سيرج دوبروفسكي أول روائي استخدم هذا التكنيك في روايته الابن عام الصادرة عام 1977، لذا يعتبر هو المخترع لهذا التوجه الجديد في عالم الكتابة، لكن الكاتبة قد مزجت هذا التكنيك بلعبة سردية فيها اكثر مجازفة ألا وهي تجلّيات الكتابة ثمّ كتابة التجلّيات، ونجد هذا خاصّة في تيريزا أكاديا حيث تسك هذا الكتاب بحبّ من نوع آخر.

 

في الختام، وبعد هذا العرض الموجز لمختلف أشكال السرد النصي الروائي في بعض أعمال الكاتبة مريم المشتاوي، يمكن الجزم بأنّ الكاتبة قد تعاملت مع المخزون السردي الروائي بشيء من الخصوصية محاولة الاغتراف من معينه والتفاعل مع نصوصه والاستفادة منه بوفق استراتيجية فاعلة أضفت على أجزاء من نصها الروائي نوعًا من الحيوية والشفافية والشعرية أحيانًا.





اضف تعليق
عدد التعليقات :0
* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مواضيع متعلقه
التداعيات الحزينة واستدعاء الماضي في رواية «هاتف الرياح» التداعيات الحزينة واستدعاء الماضي في رواية «هاتف الرياح» هاتف الرياح وأنفاس الشجن  / أمير تاج السر هاتف الرياح وأنفاس الشجن / أمير تاج السر مريم مشتاوي ضد «وباء» حب الامتلاك /غادة السمان مريم مشتاوي ضد «وباء» حب الامتلاك /غادة السمان رسالة شعرية من مريم مشتاوي رسالة شعرية من مريم مشتاوي مصائر الاغتراب في رواية جسور الحبّ لمريم مشتاوي/  مولود... مصائر الاغتراب في رواية جسور الحبّ لمريم مشتاوي/  مولود...
تعليقات
Copyright © mariammichtawi.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع مريم مشتاوي
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com