سيرة ذاتية
روايات
مقالات
حوارات
اخبار مريم مشتاوي
جاليري مريم مشتاوي
اصدارات
شعر مريم مشتاوي






مقالات الاديبة مريم مشتاوي الاسبوعية بالقدس العربي

26/01/2022 - 05:13:49 pm
سارة جيلبرت تهزم «كوفيد التاسع عشر» وذاكرة فلسطينية زرقاء في حي سلوان

سارة جيلبرت تهزم «كوفيد التاسع عشر» وذاكرة فلسطينية زرقاء في حي سلوان

في خطوة لافتة شهدتها بطولة ويمبلدون الدولية للتنس- أقدم بطولة في رياضة كرة المضرب، وتقام كل عام في منطقة ويمبلدون في العاصمة البريطانية لندن، استقبل “الأفراد الملهمون” الذين تمت دعوتهم إلى (الصندوق الملكي) في اليوم الأول من البطولة بحفاوة بالغة.

جاء التكريم الخاص قبل المباراة الأولى في البطولة التي توقفت لمدة عامين بسبب انتشار جائحة كورونا. كان من بين الضيوف هانا إنجرام مور، ابنة الكابتن المخضرم في جمع التبرعات السير توم مور.

يذكر أنه جمع أكثر من 32 مليون جنيه إسترليني لصالح “منظمة الصحة البريطانية” كما حضر تلك الفعالية مصممو لقاح أوكسفورد / أسترازنيكا لفيروس كورونا.

وبينما كان المعلق الرئيسي يشيد بـ “العمل المهم” الذي قام به هؤلاء المبدعون، اتجهت الكاميرات نحو السيدة سارة جيلبرت، التي شاركت تصميم لقاح أوكسفورد / أسترا زينيكا. لم تتمالك دموعها أمام الترحيب الحار وتصفيق الحضور لها ولزملائها.

اللافت أن السيدة جيلبرت كانت تجلس في المكان المخصص لـ”الملكة” اليزابيث. وهي بالطبع تستحق أن تحظى بهذا التقدير. لقد خلدت أسمها في ذاكرة التاريخ البريطاني والإنساني بعد مساهمتها في تطوير اللقاح، الذي هزم كوفيد التاسع عشر.

ولم يفوت رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون هذه المناسبة وشارك مقاطع من الترحيب بالفريق الطبي، وكتب في تغريدة له على حسابه في تويتر: لحظة ملهمة في الملعب الرئيسي اليوم، حيث شكر المتفرجين أولئك الذين ساهموا كثيرًا في معركتنا ضد الوباء. نحن مدينون بامتنان كبير لأولئك الذين أنقذوا الأرواح وساعدونا في طريق العودة إلى الحياة الطبيعية.

وفي تغريدة أخرى لحساب القصر الملكي “كينسينغتون” جاء فيها: “شكرًا لك سارة جيلبرت وللفريق المذهل الذي طوراللقاح”.

لماذا نستحضر اليوم اسم السيدة جيلبرت، ببساطة لأنها قصة ملهمة للكثيرين حول العالم. فقد ورد في موقع “بي بي سي” عربي، أن سارة جيلبرت كانت تحضر للدخول في مرحلة دراسة الدكتوراه. لكنها فكرت في التخلي عن دراسة العلم بشكل كلي. وبوصفها طالبة شابة في قسم علوم البيولوجيا في جامعة “إيست أنجيليا” تحفزت نتيجة لتنوع الأفكار والتجربة التي عاشتها في قسمها العلمي. بيد أنه بعد تقدمها لدراسة الدكتوراه في جامعه هال، اكتشفت أنها لا تحب التركيز على مدخل ضيق في حقل علمي محدد في دراستها وأنها أكثر ميلا للانفتاح على مختلف الحقول المعرفية والأفكار.

وقالت في مقابلة سابقة مع راديو 4 في “بي بي سي”: “يُسرُّ بعض العلماء بالعمل بمفردهم، بهذه الدرجة أو تلك، على موضوع واحد ولفترة طويلة جدا. وهذه ليست الطريقة المفضلة في العمل لدي، فأنا أحب أن آخذ بنظر الاعتبار أفكارا من الكثير من الحقول والمجالات (المعرفية) المختلفة”. وأضافت: “لقد فكرت جديا في ترك العلم في تلك اللحظة والقيام بشيء مختلف”.

هكذا قررت في النهاية أن تمضي قدما في مسيرتها العلمية، لأنها كانت بحاجة إلى دخل، بحسب تعبيرها. كان قرارها هذا هو ما قادنا إلى هزيمة اللقاح.

هذه القصة الملهمة تدعونا إلى التساؤل عن عالمنا العربي، الذي هو اليوم أقرب إلى مجتمعات استهلاكية منه إلى مجتمعات منتجة. أهناك من يخبرنا ماهو مصير العلماء في بلادنا التعيسة؟ أفي السجون أم في حضرة البلاط الحاكم؟

ترى من يذكر اليوم الكيميائي المصري الراحل أحمد زويل، الذي تجاهلته بلاده، فيما احتفت به الولايات المتحدة الأمريكية. تلك البلاد التي تكرم علماءها. لقد ورد اسمه في قائمة الشرف في الولايات المتحدة، التي تضم أهم الشخصيات المساهمة في النهضة الأمريكية، وجاء اسمه رقم 9 من بين 29 شخصية بارزة، باعتباره أهم علماء الليزر في العالم. وفي أبريل/نيسان 2009، أعلن البيت الأبيض عن اختيار زويل ضمن مجلس مستشاري الرئيس الأمريكي للعلوم والتكنولوجيا، الذي يضم 20 عالمًا مرموقًا في عدد من المجالات.وماذا عن العلماء العراقيين الذين هربوا من حكم الاستبداد والميليشيات إلى شتى أصقاع الأرض، وعن اخوانهم في بلاد العرب؟ تساؤلات مفتوحة على الغيب، لكن أجوبتها برسم الأنظمة المستبدة.

 

ذاكرة فلسطينية زرقاء في حي سلوان

 

عرضت قناة “الجزيرة بلس” فيديو قصيراً عن قصة حياة إنسان في حي سلوان الفلسطيني. انتشر هذا الفيديو بصورة غير مسبوقة على وسائل التواصل الاجتماعي لما يحمله من وجع إنساني وصمود مشرف يعكس روح الفلسطيني الصامد في وجه آلة الاحتلال.

بطلة قصتنا امرأة تدعى أماني، تعيش في بيت متواضع مع زوجها وطفليها الصغيرين في حي ولدت فيه، وولد من قبلها فيه أهلها وأجدادها وأجداد أجدادهم. في حي يضج بذاكرة عائلية حيّة. ذاكرة زرقاء ممتلئة بتفاصيل قديمة جداً. ربما اصطبغت تلك الذاكرة بلون الأبواب السماوية القديمة الصامدة في حي البستان سلوان، وفي يوم وصلتها برقية من محتل بغيض لا يطالبها فقط بإخلاء منزلها أو ينذرها بوقاحته المعهودة بهدمها، لكنه وصل إلى ما هو أبعد من ذلك. إلى ما هو أدهى. إلى ما هو أكبر من الوجع. طلب منها أن تهد بيتها بيديها. أن تحمل معولا وتهده حجراً حجراً كي لا يتكلف هو بأعباء الهدم!

أماني لم تستجب لتلك البرقية السوداء وقررت أن تملأ حيطان البيت بالصور، بالذكريات. كانت تذهب إلى عملها تاركة طفليها في البيت، على الرغم من خوفها الشديد عليهما لمعرفتها بغدر ووحشية السلطات الإسرائيلية. كانت تعلم أنهم لن يترددوا لحظة في هدم البيت على رؤوس أصحابه. كانت تدرك أن المستوطنين قد يركلوا الباب بأرجلهم في أي وقت ويستولوا على ذكرياتها وأحلامها ويطردوا عائلتها الصغيرة ويشردوها.

تقول وهي تحاول بعنفوانها أن تخفي خوفها ووجعها: أشعر أني أترك أغلى ما أملك في أكثر مكان مهدد حولي. وهذا المكان هو بيتي. علاقتها بالحي لم تكن علاقة عادية، فهي سمت ابنتها باسم الحي سلوان، وتقول وهي تقبل ابنتها:

المعنى لاسم سلوان هو عين الماء. إن شرب منها الحزين ذهب حزنه والمحب ذهب غضبه.

وكأنها تؤكد أن علاقتها بالحي هي علاقة تختصر الحياة.

أماني تضم ولدها وابنتها كل ما وقع نظرها عليهما. وكأنها تخاف من خسارتهما وهي تحاول أن تشبع روحها بحبهما.

تمشي في أرجاء الحي بفخر وهي تدلنا على البيوت بيتاً بيتاً:

هذا البيت بيتي. وهنا بيت أهل زوجي. وهذا باب بيت أبي. هناك بيت عمي الأول. وإلى جانبه بيت عمي الثاني. وخلفهما بيوت أولاد أعمامي.

تنظر حولها وكأنها لا تصدق أن كل تلك البيوت محكوم عليها بالهدم.

رغم الظلم والوجع ما زالت تلك السيدة تقف للاحتلال بكل قوتها. لقد علمت ابنها آدم أن يمشي على خطاها. وأخذت عهداً على نفسها بأن لا تضعف وإن كان الثمن حياتها وحياة عائلتها.

حظي الفيديو بمشاهدات عالية جدا، لأن رسائل أماني وصلت إلى العالم أجمع، فهي محملة بقضية عادلة غير مرشحة للنسيان، وإن حاول البعض أن يزوّر التاريخ ويطبع مع الاحتلال بحجة الواقعية السياسية الجديدة.

هنا نستحضر صوت درويش:

على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ: على هذه الأرض سيدةُ الأرض، أم البدايات أم النهايات. كانت تسمى فلسطين. صارتْ تسمى فلسطين. سيدتي: أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة.


اضف تعليق
عدد التعليقات :0
* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مواضيع متعلقه
«أسطورة الرياض» في مواجهة «زعران» السوشال ميديا… من يعاقب... «أسطورة الرياض» في مواجهة «زعران» السوشال ميديا… من يعاقب... طفلة سورية تصمم من أكياس النفايات فساتين جميلة… وأخرى... طفلة سورية تصمم من أكياس النفايات فساتين جميلة… وأخرى... في لبنان: البؤس برعاية رسميّة … ورياضيّ جزائريّ يدفع... في لبنان: البؤس برعاية رسميّة … ورياضيّ جزائريّ يدفع... مصر: أحكام تمييزية ضد فتيات «تيك توك»… ولاجئ سوري يدعو... مصر: أحكام تمييزية ضد فتيات «تيك توك»… ولاجئ سوري يدعو... طرابلس تدفن أطفالها ونساءها وشيوخها والسياسيون قلقون... طرابلس تدفن أطفالها ونساءها وشيوخها والسياسيون قلقون...
تعليقات
Copyright © mariammichtawi.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع مريم مشتاوي
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com