سيرة ذاتية
روايات
مقالات
حوارات
اخبار مريم مشتاوي
جاليري مريم مشتاوي
اصدارات
شعر مريم مشتاوي






مقالات الاديبة مريم مشتاوي الاسبوعية بالقدس العربي

26/01/2022 - 06:48:13 pm
«التيتا التلميذة» درس ضد اليأس… بائع خضروات عراقي يغزو السوشيال ميديا بصوته العذب!
مريم مشتاوي /القدس العربي

«التيتا التلميذة» درس ضد اليأس… بائع خضروات عراقي يغزو السوشيال ميديا بصوته العذب!

 

 

«العلم في الصغر كالنقش بالحجر». و«بعد ما شاب راح الكتاب».

مثلان شعبيان ضمن أمثلة كثيرة تعكس نظرة المجتمع للأفراد حسب أعمارهم.

وكأن الحياة تقف لمجرد أن يغزو الشيب الرؤوس. هكذا وببساطة شديدة تنعدم الأحلام، وتصبح كلمة «عيب» هي العنوان الأبرز لكبير السن. عيب أن يعشق أو يتزوج. عيب عليه أن يهتم بمظهره الخارجي.

وإن كان العجوز امرأة تصبح الموانع أكثر شدة وتعقيداً: عيب أن تضع عجوز أحمر الشفاه. أو أن يفوح منها عطر جميل. عيب أن تلبس الألوان!

أذكر جيداً كيف رفضت جدتي يوماً أن ترتدي كنزة حمراء كنت قد اشتريتها لها بمناسبة عيد الميلاد. فالمجتمع بعاداته وتقاليده لا يسمح لها إلا بالأسود والكحلي وكل مشتقات الألوان الغامقة.

لا تقف الموانع عند حد معين بل تطال حتى العلم. عيب على كبير السن أن يتعلم. عادات بالية حقودة تهيئ كبار السن للموت قبل مجيئه.

لكن هناك دوماً من ينتفض على المجتمع ويشعل في العتمة ضوءاً حتى وإن كان صغيراً.

«تيتا التلميذة» تحدت مجتمعها وحققت حلمها فأصبحت قدوة لنساء كثيرات في عالمنا العربي.

إنها حسنى يوسف. تعرّف عن نفسها بتواضع شديد: «أنا ست عادية. كنت أميّة».

لا لست ست عادية. بل بطلة تستحق كل التقدير والتشجيع والثناء.

هكذا انتشرت قصة «التيتا التلميذة» على «السوشيال ميديا» ونالت إعجاب رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

كيف بدأت القصة؟

في يوم قررت حسنى السفر إلى أستراليا. وصلت المطار فأعطاها الأمن استمارة لتملأها. نظرت إلى الورقة ولم تعرف ماذا تفعل بها. فهي أمية. لا تقرأ ولا تكتب. شعرت يومها بقهر شديد.

وبدأت تقارن نفسها بالطفل الصغير. كيف يستطيع الطفل أن يتعلم وهي الواعية عاجزة عنه؟ قررت يومها أن تتحدى ضعفها ومجتمعها.

تقول بحرقة: «ولادي شجعوني كتير بس المحيط لأ. صاروا يتمسخروا: بعد هالكبرة جبة حمرا! وشو لازملك بقى. ما ظل عمر وراح العمر. وشو بدك تعملي بالقراية والكتابة».

لكنها لم تستسلم. ولم تتأثر بآرائهم بل التحقت بمدرسة لمحو الأمية. كان ابنها يصطحبها يومياً لباب المدرسة وينتظرها حتى تنهي دروسها.

تجلس في الصف مع عشرين امرأة أخرى. كلهن يرغبن بالانتصار على الظلمة. فكلمة «عيب» تليق فقط بمن يستسلم للأمية.

«عيب» أن تكون نسبة الأمية في عالمنا العربي تتراوح بين 70 إلى مئة مليون نسمة.

عيب أن يكون واحد من كل خمسة بالغين يعاني من الأمية.

رغم كل الجهود المبذولة لمحو الأمية لكن الحروب المختلفة وسياسات بعض زعماء الدول العربية الذين لا يهتمون إلا بمصالحهم الشخصية وبعقد الصفقات المربحة على حساب الارتقاء بالمنظومة التعليمية ودعمها وتخصيص ميزانية لتطويرها ومحاولة التصدي لتفشي ظاهرة الأمية في البلاد.

إن الفقر المنتشر في بلادنا بسبب حكام أكلوا الأخضر واليابس هو أحد أهم أسباب تلك الظاهرة.

فالعائلة الفقيرة لا تحرم أطفالها فقط من التعليم بل تدفع بهم إلى سوق العمل لتأمين لقمة العيش.

 

إنها الظلمة الحقيقية!

 

اليوم أصبحت حسنى قادرة على قراءة القرآن الكريم. تشعر أنها أقوى. لقد استعادت ثقتها بنفسها. وحلمها أن تلتحق كل امرأة بمدرسة تساعدها على إضاءة شعلة صغيرة في النفق المظلم.

 

بائع فنان

 

قصة أخرى من العراق. لكنها ليست حزينة كأغلب القصص التي تأتيني من بلادنا المنكوبة.

إنها قصة بائع خضار شاب يدعى كرار نوري عمره 27 سنة من منطقة البياع في بغداد. كان يجلس ساعات خلف عربته الممتلئة بالفجل والبصل والبقدونس والنعناع. يجرها ويغني. ويجلس أحياناً قربها حاملاً آلة العود ويعزف لساعات طويلة متخيلاً أمامه خشبة مسرح وجمهور عريض وفرقة موسيقية معروفة تشاركه العزف.

حاول كرار الالتحاق ببرامج تلفزيونية يساعده الوصول إلى حلمه لكنه فشل ولم يجد يداً واحدة تمتد له.

لكنه لم ييأس واستمر في العزف والغناء وبيع الخضراوات. إلى أن انتشرت مقاطع من عزفه وغنائه على «السوشيل ميديا». فأحدث بذلك ضجة كبيرة بسبب صوته العذب وموهبته الواضحة.

هكذا وصل أحد المقاطع إلى المايسترو علاء مجيد، مدير دائرة الفنون الموسيقية. فدعاه إلى مكتبه لتقييم قدراته في العزف والغناء. أعجب الفنان علاء مجيد بصوته وموهبته في العزف، فضمه إلى الفرقة الفنية المشكلة حديثاً في دائرة الفنون الموسيقية والتي تضم شباباً موهوبين من مختلف الأعمار.

وقد أشرف شخصياً على التدريبات الأولية.

قصة كرار تبعث ولو القليل من الأمل في قلوب آلاف الشبان العرب المحبطين بفضل السياسيين والمتآمرين والسراق.

كرار يقول في مقابلة لـ«بي بي سي» عربي إن حلمه هو عودة الفن العراقي الذي، وحسب تعبيره « انهد».

ويضيف بأن «الأغاني السريعة طغت على الفن السبعيني المشبع بالمقامات السيمفونية».


اضف تعليق
عدد التعليقات :0
* الاسم الكامل
البريد الالكتروني
الحماية
* كود الحماية
البلد
هام جدا ادارة الموقع تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
مواضيع متعلقه
«أسطورة الرياض» في مواجهة «زعران» السوشال ميديا… من يعاقب... «أسطورة الرياض» في مواجهة «زعران» السوشال ميديا… من يعاقب... طفلة سورية تصمم من أكياس النفايات فساتين جميلة… وأخرى... طفلة سورية تصمم من أكياس النفايات فساتين جميلة… وأخرى... في لبنان: البؤس برعاية رسميّة … ورياضيّ جزائريّ يدفع... في لبنان: البؤس برعاية رسميّة … ورياضيّ جزائريّ يدفع... مصر: أحكام تمييزية ضد فتيات «تيك توك»… ولاجئ سوري يدعو... مصر: أحكام تمييزية ضد فتيات «تيك توك»… ولاجئ سوري يدعو... طرابلس تدفن أطفالها ونساءها وشيوخها والسياسيون قلقون... طرابلس تدفن أطفالها ونساءها وشيوخها والسياسيون قلقون...
تعليقات
Copyright © mariammichtawi.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع مريم مشتاوي
Developed & Designed by Sigma-Space.com | Hosting by Sigma-Hosting.com